بسم الله الرحمن الرحيم
" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم
فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ
خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ
بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "
-55- النور
هذا كلام الله لنا ولكم أهل ســــــــوريا ومسـلمى بورما
وكل المسلمين فى كل العالم وفى كل زمان ومكان
نعم هذا وعد من الله فاصبروا إن نصر الله قريب.
***************
كنت اليوم فى لقاء فى المســـجد وذكرت لنا أخت كريمة قصة الصاحبى عبدالله بن حذافة الســـهمى وله الكثير من المواقف الجميلة التى تشهد له بالثبات على الحق ونصرة دين الله وأقدم لكم موقفًا له رضى الله عنه وهو مع قيصر عظيم الروم في خلافة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه .
ففي السنة التاسعة عشرة للهجرة ، بعث عمر بن الخطاب جيشاً لحرب الروم ،
فيهم عبد الله بن حذافة السهمي ، وكان قيصر عظيم الروم قد تناهت إليه
أخبار جند المسلمين ، وما يتحلَّون به من صدق الإيمان، ورسوخ العقيدة ،
واسترخاص النفس في سبيل الله ورسوله ، فأمَرَ رجاله إن ظفروا بأسيرٍ من
أسرى المسلمين أن يبقوا عليه ، وأن يأتوه به حياً ، وشاء الله أن يقع عبد
الله بن حذافة السهمي أسيراً في أيدي الروم ، فحملوه إلى مليكهم وقالوا :
إنَّ هذا من أصحاب محمد السابقين إلى دينه ، قد وقع أسيراً في أيدينا ، فأتيناك به .
نظر ملك الروم إلى عبد الله بن حذافة طويلاً ، ثم بادره قائلاً
:إني أعرض عليك أمراً
قال : وما هو ؟
قال : أعرض عليك أن تتنصَّر ، فإنْ
فعلتَ خلَّيت سبيلك ، وأكرمت مثواك ،
فقال الأسير في أنفةٍ وحزم : هيهات ..
إن الموت لأحبُّ إليَّ ألف مرة ممّا تدعوني إليه .
قال قيصر : إني لأراك رجلاً شهماً ، فإن أجبتني إلى ما أعرضه عليك ، أشركتك في أمري ، وقاسمتك سلطاني .
فخلاصة قضية قيصر أنّ سمعةَ أصحاب رسول الله ملأت الآفاق ، أشخاص
أشدَّاء ، أقوياء ، متعففون ، إيمانهم قوي ، الدنيا عندهم صغيرة، فلهم
سمعة كبيرة ، وهو أراد أن يرى من هم هؤلاء ؟ فأخذَ يعرض عليه كلَّ إغراءٍ .
فتبسَّم الأسير المكبَّل بقيوده ، وقال : واللهِ لو أعطيتني جميع
ما تملك ، وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمدٍ طرفة عينٍ ما
فعلت .
قال : إذًا أقتلك .
قال : أنت وما تريد .
ثم أمر به فصُلِب ، وقال لقنَّاصته بالرومية : ارموه قريباً من رجليه ، وهو يعرض عليه التنصُّر فأبى .
عند ذلك أمرهم أن يكفّوا عنه ، وطلب إليهم أن ينزلوه عن خشبة الصلب ،
ثم دعا بقدرٍ عظيمة ، فصُبَّ فيها الزيت ، ورُفعت عن النار حتى غلت ، ثم
دعا بأسيرين من أسارى المسلمين ، فأمر بأحدهما أن يُلقى فيها فأُلقي ، فإذا
لحمه يتفتت ، زيت مغلي ، أُلقي فيه رجل ، وإن عظامه لتبدو عارية بعد إلقاه
، ثم التفت إلى عبد الله ، ودعاه إلى النصرانية ، فكان أشدَّ إباءً من قبل
.
أراه بعينه قِدْرًا عظيمة ، فيها زيتٌ مغلي ، وألقى أمامه أحد
الأسرى المسلمين ، حتى بدت عظامه عارية ، فإذا طبخ أحدكم أكلة من اللحم على
" طنجرة البخار " ونسيها قليلاً على النار ، تجد اللحم أصبح منفصلاً عن
العظم كلاً على حدة ، هذا الذي حدث .
فلما يئس منه ، أمر به أن يُلقى في القدر التي أُلقي فيها صاحباه ،
فلما ذُهِب به دمعت عيناه ، فقال رجال قيصر لملكهم : يا سيِّدي إنه قد بكى ،
فظَنَّ أنه قد جزع ، فقال : ردّوه إلي .
فلما مثُل بين يديه ، عرض عليه النصرانية فأباها ، قال : ويحك فما
الذي أبكاك إذًا ؟! ألم تكن خائفاً ؟
قال : واللهِ ما أبكاني إلا أني قلت
في نفسي : تُلْقى الآن في هذه القدر ، فتذهب نفسك ، وقد كنت أشتهي أن يكون
لي بعدد ما في جسدي من شعرٍ أنفُسٌ ، فتُلقى كلُّها في هذه القدر في سبيل
الله .
فقال الطاغية : هل لك أن تقبِّل رأسي وأُخلِّي عنك ؟
فقال له عبد الله :
وهل تُخلّي عن جميع أُسارى المسلمين ؟
فقال الطاغية : وعن جميع أسارى المسلمين أيضاً .
قال عبد الله : فقلت في نفسي : عدوٌ من أعداء الله ، أُقبِّل رأسه ، فيُخلّي عني وعن أُسارى المسلمين جميعاً ، لا ضيرَ في ذلك .
ثم دنا منه ، وقبَّل رأسه ، فأمر ملك الروم ، أن يجمعوا له أسارى المسلمين ،
وأن يدفعوهم إليه ، فدُفِعوا له ، وانطلق بهم إلى المدينة .
قدم عبد الله بن حذافة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأخبره
خبره ، فسُرَّ به الفاروق أعظم السرور ، ولما نظر إلى الأسرى قال : حقٌ على
كل مسلمٍ أن يقبِّل رأس عبد الله بن حذافة ، وأنا أبدأ بذلك ، ثم قام
وقبَّل رأسه .
***************
بالطبع قصته مليئة بالدروس المستفادة والمعانى الجميلة...فما هذا اليقين بنصر الله...والصبر على الشدائد والثبات على دين الله والثبات على الحق والتضحية من أجل أصحابه وأصحاب رســولنا الكريم صلى الله عليه وسلم...
كثير ما نقرأ أو نسمع قصصًا للصحابة والتابعين ولكننا نتساءل كيف تحملوا كل ذلك ؟؟؟؟؟
نسبح بخيالنا فى محاولة لتخيل الأمر...ذلك الأمر العظيم وهو الدفاع عن الإسلام والحرص عليه حتى يصل لنا اليوم..حتى ينتشر فى العالم كله.
وربما كنا نعجز عن تخيل الصورة ولكن هانحن اليوم أمام صورة من تلك الصور..وبعد أن انتشر الإسلام والعالم أجمعه يعرف دين محمد صلى الله عليه وسلم...
تلك الصورة التى يقدمها لنا المسلمون فى كل مكان بالعالم وقد عانوا من الاضطهاد والعنف والقتل وغيرها من الجرائم التى نسمع عنها...إننا نسمع عن حالهم وصمودهم وثباتهم والآلاف منهم قد استشهد فى سبيل الله.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه
"نحن
قوم قد أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله
"
وأنتم
أردتم العزة بالإسلام...فبإذن الله لكم.
***************
خلاصة
القول..أن من يموت اليوم من المسلمين دفاعًًا عن دينهم..ومن يتحمل ألوان العذاب
ويثبت على الحق..ومن يرى أطفاله أمامه شــهداء.
ليســــــوا
صحابة أو تابعين...
وإن
كان البعض يقول عن الصحابة لشدة إعجابهم بهم أنهم ليسوا بشرًا مثلنا....فمن يموتون ويتحلمون العذاب كل
يوم أمامنا بشـــر.
اللهم أعزنا بالإسلام