سـبحانك
ربى أنعمت علينا بأعظم كتاب...
لكل
زمان وما أحوجنا فى هذا الزمان إلى هذه الآيـة الكريمة....نحتاجها فى كل يوم من
حياتنا... نحتاجها لنعيش أيامنا هذه بسـلام ...لصلاح أمورنا وأحوالنا .
نحتاجها لأنها من القرآن ♥
بســـم الله الرحمن الرحيم
" ولا تقفُ ما لَيسَ لكَ بِهِ
علمٌ إنَّ السَّمْعَ والبَصَرَ والفُؤاَدَ كُلُّ أولئك كان عنهُ مسؤولاً "
[الإسراء: 36]
جئت
إليكم بخواطر واقتباسات فى تفســير هذه الآية الكريمة...
ولا تقف أي لا تتبع ما لا تعلم ولا يعنيك .
يقول الإمام ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية:
"قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: يقول: لا تقل.
وقال العوفي عنه: لا
ترمِ أحداً بما ليس لك به علم.
وقال محمد ابن الحنفية: يعني شهادة الزور.
وقال قتادة: لا تقل: رأيت، ولم تر، وسمعت، ولم تسمع، وعلمِت، ولم تعلم،
فإنَّ الله - تعالى - سائلك عن ذلك كلّه".
ومضمون ما ذكروه أنَّ الله - تعالى - نهى عن القول بلا علم،
بل بالظنّ الذي هو التوهُّم والخيال، كما قال - تعالى -: (اجتنبُوا كثيراً من
الظنّ إنَّ بعضَ الظَّنّ إثمٌ)(الحجرات: 12).
قال الله عز وجل: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ
الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ
إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ {النحل:116}
قال علي رضي الله عنه: ولا يستحي من يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم.
ويقول سيِّد قطب - رحمه الله تعالى -عند هذه الآية:
"وهذه الكلمات القليلة تقيم منهجاً كاملاً للقلب والعقل، يشمل
المنهج العلمي الذي عرفته البشرية حديثاً جداً، ويضيف إليه استقامة القلب ومراقبة
الله، ميزة الإسلام عن المناهج العقلية الجافّة.
فالتثبُّت من كلّ خبر ومن كلّ ظاهرة ومن كلّ حركة قبل الحكم عليها؛
هو دعوة القرآن الكريم، ومنهج الإسلام الدقيق، ومتى استقام القلب والعقل على هذا
المنهج لم يبق مجالٌ للوهم والخرافة في عالم العقيدة، ولم يبق مجالٌ للظن والشبهة
في عالم الحكم والقضاء والتأمل، ولم يبق مجال للأحكام السطحية والفروض الوهمية في
عالم البحوث والتجارب والعلوم.
والأمانة العلمية التي يشيد بها الناس في العصر الحديث ليست سوى
طرف من الأمانة العقلية القلبية التي يعلن القرآن تبعتها الكبرى، ويجعل الإنسان
مسؤولاً عن سمعه وبصره وفؤاده، أمام واهب السمع والبصر والفؤاد.
إنَّها أمانة الجوارح والحواس والعقل والقلب، أمانة يسأل عنها
صاحبها وتسأل عنها الجوارح والحواس والعقل والقلب جميعاً، أمانة يرتعش الوجدان
لدقّتها وجسامتها كلّما نطق اللسان بكلمة، وكلّما روى الإنسان رواية، وكلّما أصدر
حكماً على شخص أو أمر أو حادثة".
(ولا تقفُ ما ليسَ لكَ بِهِ علمٌ): ولا تتبع ما لم تعلمه علم
اليقين، وما لم تتثبَّت من صحَّته: من قول يُقال ورواية تُروى، ومن ظاهرة تُفسَّر
أو واقعة تُعلَّل، ومن حكم شرعي، أو قضية اعتقادية.
وفي الحديث: ((إيَّاكم والظنّ! فإنَّه أكذب الحديث))،
وفي سنن أبي داود: ((بئس مطية الرَّجل: زعموا))،
وفي الحديث الآخر: ((إن أفرى الفرى أن يُري الرَّجل عينيه ما لم تريا)).
إنَّ التفريط في هذا المنهج العظيم الذي أوصى الله به عباده
المؤمنين، لَمِنْ أعظم أسباب الفرقة والعدوان والبغضاء، فكم من مظلوم في ماله أو
بدنه أو عرضه كان سبب ذلك التسرُّع في نقل الأخبار وإشاعتها دون تمحيص وتثبُّت،
وكم من أواصر وصلات قطعت بين الأرحام والإخوان كان سببها عدم التثبُّت والقول
بالظنون أو بلا علم، بل كم قامت من حروب وفتن وأساسها أخبار وشائعات وظنون وتُهم
باطلة.
من أجل ذلك كان لزاماً على كلّ مسلم يريد لنفسه النَّجاة في الدنيا
والآخرة، وألاّ يكون سبباً في ظلم العباد وإثارة الفتن، أن يعي معنى الآية السابقة
ويطبِّقها في حياته فيتثبَّت من كلامه قبل أن يدلي به للنَّاس، ويتثبَّت من سماعه
فلا ينقل عن أحد ما لم يقله أو يقصده، ويتثبَّت في أحكامه ومواقفه.
ولقد كان السلف - رحمهم الله تعالى - حريصين أشدّ الحرص فيما
يقولونه ويسمعونه من الفتاوى والأقوال على هذا المنهج الربَّاني الكريم، ومن ذلك
ما تواتر من الروايات المنقولة عنهم في تحريمهم للإفتاء بغير علم، وأن لا يفتي
العالم في مسألة حتى يفهم واقعها وصحّة دليلها، ولا يروي رواية إلاّ بعد التثبُّت
من صدقها وصحّتها.
ومن ذلك ما نقله ابن القيِّم - رحمه الله تعالى - في "آداب
المفتي والمستفتي" حيث يقول: "وكان أيوب إذا سأله السائل قال له: أعد،
فإن أعاد السؤال كما سأله عنه أولاً أجابه وإلا لم يجبه! وهذا من فهمه وفطنته -
رحمه الله تعالى -، وفي ذلك فوائد عديدة، منها: أنَّ المسألة تزداد وضوحاً وبياناً
بتفهُّم السؤال، ومنها أنَّ السائل لعلَّه أهمل فيها أمراً يتغيَّر به الحكم، فإذا
أعادها ربَّما يتبيَّن له، ومنها أنَّ المسؤول قد يكون ذاهلاً عن السؤال أولاً،
ثمَّ يحضر ذهنه بعد ذلك، ومنها: أنَّه ربَّما بان له تعنُّت السائل وأنَّه وضع
المسألة؛ فإذا غيَّر السؤال وزاد فيه ونقص فربَّما ظهر له أنَّ المسألة لا حقيقة
لها، وأنَّها من الأغلوطات أو غير الواقعات التي لا يجب الجواب عنها".
أرجو ألا أكون أطلت عليكم...وفى تفســــير
الآية مســــائل أخرى..
أدعو الله أن يرزقنا وإياكم فهم القرآن
والعمل به وحفظه وتلاوته ^_^