وحدها تمشـــي في طريق مظلم لا تعرف لمَ هي وحدها ؟؟؟ ولمَ هي في ذاك الطريق ؟؟؟
لمَ خرجت من منزلها في مثل هذا الوقت من الليل؟؟؟ و أين اهلها الذين سمحوا لها بذلك؟؟ وإلي أين هي ذاهبة ؟؟ ظلت تلك الأسئلة تراودها وهي خائــفة لأنها لا تجد لها إجابة...
مشـــت كثيراً وكثيراً...حتي شعرت بالتعب والعطش...فلم تجد أحداً حتي تســـأله عن الطريق لمنزلها...فاستســـلمت وبكت....وظلت تبكي وتبكي وصوت بكائها يعلو...حتي أصابها الفزع حينها....حين ربت أحدهم علي كتفها بألا تبكي...قامت ووجها أبيض من الخوف.. وقلبها نبضاته تدق بســـرعة البرق...قالت له من انت ؟؟
قال لها : أنا حارس أحد المنازل وجدتك تبكين فهل من مســـاعدة أقدمها لك ؟؟
قالت له وهي ترتجف :أريد أن اصل لبيتي...ولا أعرف الطريق..
سألها : ما هو عنوان منزلك ؟؟؟
قالت له العنوان بالتفصيل فقد حفظته منذ الصغر...
فقال لها إنك تقطنين بعيداً عن هذه المنطقة فهل نذهب صباح الغد؟؟؟ وأكون قد انهيت حراســـتي..
قالت له : لا بأس ولكن...
فأجابها وقد فهم ما تقصده...: ستنامين في غرفتي وأنا أظل أحرس البيت في الخارج...
دخلت الغرفة الضيقة..بفراشها البالي القديم ونافذتها الصغيرة...فبدي الضيق علي وجهها...وخرجت إلي الحارس مســرعة...وصوتها كله ضيق وغضب قائلة : وكيف سأنام في تلك الغرفة الصغيرة؟؟
أجابها والبســـمة علي شــفتيه : آسف إن كنت تعتادين الفراش الأثير...ولكن هذا ما لدي الآن ...غداً تذهبين لبيتك وترتاحين...
عادت إلي الغرفة وهي تردد بعض الكلمات..ولكنه لم يهتم..
حتي أشرق الصباح..استيقظا وســـروا حيث عنوان منزلها...استغرق الأمر الكثير من الوقت والمشي والركوب ... حتي وصلا إلي المكان المطلوب...
قالت له من هنا...بالطبع كانت المنطقة كلها منازل ضخمة وقصـــور...حتي ذهبت إلي شارعها.. وبالتحديد قرب منزل جيرانها... ولكن أين منزلها؟؟؟ وكيف صار بيتها الضخم قطعة أرض جرداء كهذه ؟؟؟ أين ذهب اهلها ؟؟؟
ظل واقفاً منتظرأً ان تعرف بيتها ليطمئن علي عودتها إليه... ولكنه فوجيء بها تقول أين منزلي ؟؟؟
جلســـت علي ارض منزلها باكية وذهب هو ليســأل جيرانها...ولكنهم لم يعرفونها... اندهش منها الحارس وظن أنها فاقدة لوعيها وعقلها... فقال لها : آسف سأضطر للذهاب...ســأعود إلي غرفتي التي لم تروق لك...فأنا افضل منك حالاً الآن...أتمني ان تجد بيتك قريباً وتركها...
وظلت تبكي وتبكي...ولســـان حالها يقول لمَ أنا صرت وحيدة ولا يعرفني أحد...من قبل كان لدي اصحاب كثيرون اين اختفوا ؟؟...كنت اعيش في اضخم منزل فأين هو ؟؟ وأهلي لم يحرومني شيء فأين صاروا الآن ؟؟؟
لمَ حرمت من كل هذه النعم في لحظة واحدة؟؟؟ ظلت تنادي وتصرخ صرخات عالية....تسمع صداها في الأفق...وما من أحد يجيبها...
ظلت تدعي ان يكون هذا كابوس منه تســـتيقظ علي ما كانت عليه...فتلك الرحلة الغريبة طالت وتكاد تجن...
حتي اســــتيقظت من حلمها السيء هذا.... وهي تتصبب عرقاً...وترتعش خوفاً... فقامت من فراشها الناعم...اطمئنت علي اهلها...وســارت في حديقة منزلها..تفكر في حالها فهي لا يعجبها أي شيء وتريد أكثر واكثر...لا تكتفي بالقليل وان كان يســـــد حاجتها ... كانت تطلب وتطلب... وتتعب أهلها...تتفاخر وتتكبر علي زميلاتها...كانت تغر بأن لديها كل من وما حولها....تذكرت الكابوس فارتعش جســـمها...ونزلت الدمعة علي خدها...
ربما يكون ذلك الكابوس بداية تغير لها...حمدت الله علي نعمه وأن ما عاشته كان حلماً وليس حقيقة....
وذهبت إلي اهلها باســـمة فقدموا لها ما سبق أن طلبته ولكنها لم تهتم...فقط ذهبت إليهم تحضنهم وتقبلهم...وتبكي...وهم لا يعرفون سر بكائها...المهم أنها تغيرت....