أعلم أن المثالية والكمال إنما هى أمنية يمكن أن نســعى لتحقيقها ولكن لن
نصل إليها فالله المثل الأعلى..والكمال لله وحده..ولكن بقدر الأهداف تتحدد
الشــخصية وتتحدد خطواتها فى الحياة.
أريد لو نغمض أعيننا قليلا ونتخيل أننا نطير فى الســماء بعيدًا..وننظر
للدنيا من أعلى..صغيرة لا قيمة لها وســط الكون الهائل العظيم.
وهى كذلك ولا تســتحق إلا أن تكون كذلك..
خطرت تلك الفكرة لأحد الشــعراء وهو الشـاعر محمد إبراهيم أبو سـنة فى
قصيدته النســور..وهذه من أكثر الأبيات التى أعجبتنى..كنت قد درسـتها فى الصف
الثالث الثانوى..
النسور الطليقة في الأفق
تعرف مصرعها
و العيون التي تترصدها
و النصال التي تعاقب
النسور الطليقة في الأفقِ
ترفع هامتها و تحلق
تعلو و تخفق بالزهو
لا تتذكر خضر السهول
بخيراتها ... تتعقب
ورد الذرا
في الفضاء السحيق
و حلم الكمال
حلم الكمال...فما أجمله من حلم..لو أننا نضعه نصب أعيننا..ونجعله المتحكم
فى أفعالنا ,أقوالنا,مشــاعرنا ورغباتنا...من الممكن أن نصل لمكانة عالية..يحترمها
الناس ونحترمها نحن لأنفســنا.
يســأل كل منا الآخر ما هدفك فى الحياة ..فنجيب بالكثير والكثير..ولكن هل
منا من يجعل الكمال هدفه ؟؟؟؟!!
هل تتخيل أن يكون هذا هدفك تسير فى طريق تحقيقه..بالتأكيد نظرتك لنفســك
ستختلف وكذلك نظرة الناس والمجتمع سـتختلف ومع الوقت سيعتادون عليك بشـخصيتك
الجديدة التى تحب المثالية..ولا أقصد بها التعقيد ورفض الواقع الغير مكتمل..ولكن
أقصد الكمال فى شــئون الشــخص نفسه.
هل تتخيل لو أصبح الكمال هدفًا لكل منا ؟؟ أعتقد ســنعيش فى المدينة
الفاضلة إذاً.
نعم لن يحدث ذلك..فلا وجود للمدينة الفاضلة فى الدنيا..ولا وجود لأشــخاص
مثاليين بيننا.
ومع ذلك فإننى أتمســك بهذا الهدف..وطريقة الســعى لتحقيقه ســهلة ولكن
تحتاج لمصابرة ومجاهدة النفس..بكل أنواعها..فما علينا إلا أن ندرب أنفســنا على
تقديم الأفضل لمن حولها..ولخالقها أولاً.
فتقدم الأفضل لله عز وجل فى الصلاة والصوم وكل العبادات وتجعل حب الله
ورســوله هو الحب المســيطر عليها , وتقدم الأفضل للمســئول عنها فى العمل..فتتقنه
وتقوم بواجبها على أكمل وجه ابتغاء مرضاة الله وتقدم أوطاننا..تقدم الأفضل
للأســرة وأهلها وأصدقائها..تجلس معهم..تحاورهم بلطف وهدوء تتواصل دائمًا بالحب
والمودة.
وما ســـيقدمه لها الآخرون بالتأكيد يكون أفضل لها..ولكن بعد أن تقدم
الأفضل لنفسـها أيضًا..فتسـعى للكمال فى الأخلاق.. فتترفع عن القول السـىء..وتخترالكلمات بعناية وتفكر وتتمهل
قبل النطق بها,تترك أحاديث الناس وجدالهم الذى لا يغنى ولا يثمر وإنما يفســد
العقول ,أن تســعى للكمال فى التفكير..فتســمو به لما هو أرقى ولا نســخر ونتهكم
مما حولنا ,ونغير نظراتنا الســطحية لبعض الأمور ونأخذها بجدية.
إن الإســـلام هو الدين المثالى..لذا فليس بغريب أن نجعل حلم من أحلامنا
المثالية..نجعلها هدفَا..لن نصل إليه أعلم ذلك..ولكن بالتأكيد سنصل إلى مكانة
رائــعة..مكانة المســـلم التى أرادها الله له..فالمثالية أولاً وأخيرًا لن يتحقق
منها ولو جزء صغير..إلا باتباع تعاليم ديننا الإســلامى..وباتخاذ القرآن والســنة
النبوية منهجًا ودليلاً فى الحياة..لنصل به للجنة فى الآخرة.
ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ــــــ
حديث شــريف :